إن رغبة الإنسان غريبة جدا في أن يعرف أين يذهب الموتى. وكيف وبعد الحياة ماذا هناك. وهل يعيش الأموات حياة أخرى؟ هناك نوع آخر من القدرات الخفية عند بعض الناس. هذه القدرات وعن طريقها يمكن الاتصال بالعالم الآخر. أي بعالم الذين كانوا معنا، ثم اختفوا بالموت. فهل صحيح هناك عالم آخر؟ هل صحيح أن الموتى، أو الأرواح الموتى يمكن أن نتصل بها؟ هل صحيح أنه توجد أشكال أخرى لهذا الاتصال غير أن نراهم في الأحلام؟ هل صحيح أن بعض الناس يشعرون بموتاهم. بوجودهم بشكل ما، معهم في بيوتهم أو في فراشهم. ألم يحدث أن تقول إن فلانا الله يرحمه قد هف علي. بمعنى أنك تذكرته فجأة. وبعد ذلك بلحظات تفاجأ بأن أحد من أولاده يخبرك بأن مقبرته قد إنهدمت. أو أنه ترك لك خطابا. أو تذهب أنت لزيارة مقبرته فتجد طفلة أو سيدة تبكي عليه. وتفاجأ بأن هذه السيدة كانت تربطه بها علاقة ما. كأن تكون ابنته من زوجة أخرى. أو تكون أخته. أو إحدى قريباته. وأنها في حاجة إلى مساعدتك. إن رغبة الإنسان قديمة جدا في أن يعرف أين يذهب الموتى؟ وكيف؟ وبعد الحياة ماذا هناك؟ وهل يعيش الأموات حياة أخرى؟ وهل هذه الحياة الأخرى تختلف عن حياتنا هذه؟ من المؤكد أنها تختلف. فنحن في هذه الحياة نعيش بأجسادنا، وأمراض أجسادنا وشهواتها وطموحها وتزاحم بعضنا البعض على الرغيف والمال والقوة والجنس. هذا طبيعي. ولكن إذا تجردنا من لحمنا. من عظامنا. من هذا الجسم كله، هل ما تزال رغباتنا كما هي؟ هل نشتهي الطعام وليس لنا فم؟ هل نشتهي الهواء وليس لنا صدر؟ هل نحب ونكره وليست لنا أحشاء.؟ هل نتزاحم من أجل المال والقوة ونحن لم نعد في حاجة إلى مال أو القوة. إن أحدا من الذين ذهبوا لم يعد. ولذلك فنحن لا نعرف ماذا بعد الموت. وإن كنا نتخيل ذلك. إن كانت الكتب السماوية تحدثنا عن الموت وعن البعث وعن الجنة وعن النار. وعن الحياة في الجحيم والنعيم. وأن الطريق إلى الجنة والنار يبدأ بهذه الحياة. ولكن أحدا لم يقل: ماذا أصابه وكيف؟ لكي نعرف شيئا من ذلك. فلابد أن يحدثنا أحد. أما كيف يحدث، وكيف يقول لنا ذلك؟ فذا ما تعرفه عن طريق بعض الناس ذوي القدرات التي تمكنهم من الاتصال بالعالم الآخر. والفرق بين هؤلاء الناس وبيننا نحن، كالفرق بين صندوق خشبي فارغ وبين صندوق خشبي به راديو. أي به جهاز استقبال. فالراديو عنده الحساسية الخاصة القادرة على تلقي الأصوات التي تجيء من محطات إذاعية أخرى. بعض الناس عندهم هذه القدرة. وهناك ألوف التجارب التي تؤكد هذا المعنى. أي أنه يمكن الاتصال بالعالم الآخر. ولكن كيف؟ إننا نعرف كيف يمكن ذلك. وإن كنا لا نعرف لماذا يحدث هذا لبعض الناس بعض الوقت. وهناك اجتهادات كثيرة في تفسير ذلك. وإن كانت الاجتهادات لم ترتفع إلى مستوى النظريات العلمية الواضحة. وهي لن ترتفع إلى هذه الدرجة المؤكدة، لأن هذه الاتصالات ما تزال حديثة. ولأن العلم الحديث، ما تزال وسائله في معرفة ذلك، قاصرة أو عاجزة. أنا وأنت لا نستطيع أن نرى أبعد من كيلو متر. والذي تراه ليس واضحا. فنحن نستطيع أن نرى شجرة. وتكون الرؤية غير واضحة. ولكن لو كان معنا صقر أو نسر فإنه يستطيع أن يرى كل أوراق الشجرة، بل إنه يستطيع أن يميز دودة القطن من دودة القز إذا كانت على ورقة من أوراق هذه الشجرة. معنى هذا أن قدراتنا نحن البشر على الرؤية أقل من قدرة الصقر. وقدرتنا على الشم أقل من الذئب، وقدرتنا على السمع أضعف من قدرة القط. وقدرتنا على الجري أقل من قدرة النمر. فالقدرة الإنسانية محدودة، ولذلك فنحن نقول: إن الذي لا نراه ليس موجودا والذي لا نسمعه لا وجود له، والذي لا نشمه لا أثر له. أما الحقيقة فغير ذلك. فهناك أشياء كثيرة موجودة رغم أننا لا نراها ولا نسمعها ولا نشمها. وهي موجودة عند بعض الكائنات التي لها قدرات أعمق وأبعد وأعظم. وكذلك بعض الناس عندهم هذه القدرات على أن يروا ويسمعوا مالا نستطيع. وهذا ما تحدثت عنه في كل المقالات السابقة. وأضيف إلى ذلك أن عددا آخر من الناس لديهم قدرة على الشعور بالعالم الآخر. وعلى الاتصال به وتسجيل ذلك بالصوت أو الكلمة أو بالحركة. من أشهر الحوادث في تاريخ الاتصال بالعالم الآخر ما حدث في نيويورك سنة 1848. إنها حادثة صغيرة. ولكنها كانت البداية لعلم الروح، أو للدراسات الروحية. إنها أسرة صغيرة مكونة من ثلاث بنات. وواحدة منهن سمعت دقا متواليا على النافذة. ولم يكن هناك من يفعل ذلك. وجاء الأب وحاول أن يعرف السبب فلم يستطع. وجاءت البنت وراحت تصفق بيديها ثلاث مرات. وبعد أن فرغت من التصفيق سمعت صوت التصفيق ثلاث مرات، ولكن متأخرا جدا. جاءت الأخت الثانية وفعلت نفس الشيء. وكان صدى دقات هذه الأخت أقوى من الصوت نفسه. ولم يفلح أحد في أن يفهم بالضبط ما هذا الذي حدث. وفوجئ الأب والأم والفتيات الصغيرات، بأن الصوت يدوي في إحدى الغرف دون أن يفعل أحد منهم شيئا. حاولت الأسرة أن تشرك معها أبناء المدينة في مشاهدة ماذا يحدث. وجاء الناس وسمعوا. وانتشرت الأخبار في كل مكلان. وانفتح باب التكهنات والاجتهادات. وقيل يومها أنها روح واحد قتل تحت هذا البيت. وإن هذه الروح تحاول أن تكشف عن نفسها. لعل أحدا ينتقم لها من القاتل. واقتنع الناس جميعا بأن هذا هو السبب الوحيد. وحفروا الأرض. وأخرجوا من تحتها بقايا جثة وبعد 56 عاما أعيد الحفر، وأعيد البحث عن الجريمة. وتأكد للناس أن ما حدث صحيح. هذه الأسرة الصغيرة دخلت التاريخ تحت اسم بنات فوكس ـ أبوهم اسمه فوكس. تطورت وسائل الاتصال بالعالم الآخر بين هذه الأسرة. فكانوا يجلسون في أية غرفة ويقولون: أيتها الروح إن كنت تحبين أن نتصل بك فدقي مرة واحدة وإن كنت لا تحبين فدقي مرتين. كانوا يسمعون. دقة واحدة. ويمضي الحوار: هل أنت قتيل؟ يسمعون دقة واحدة. هل أنت حزين لذلك؟ دقة واحدة. هل تريد أن نكشف قصتك للناس. دقة واحدة. كيف؟ لا صوت. هل نأتي لك بالحروف مكتوبة على الورق. ونعرض عليك الحروف واحدا واحدا. وكلما أمسكنا حرفا سمعنا دقة واحدة فيكون ذلك موافقة منك على صحة هذا الحرف. ثم من هذه الحروف تتكون الكلمات التي تريدها. أو الرسالة التي تريد أن تبعث بها إلى أي أحد من الناس. دقة واحدة كالرعد. و استنتجوا أنه سعيد بهذا الاكتشاف أو بهذه الطريقة التي تنقل أفكار هذه الروح إلى عالمنا في منتصف القرن التاسع عشر. لقد اتخذ المشتغلين بالأرواح من يوم 23 نوفمبر سنة 1904 اليوم العالمي لبداية الاتصال بعالم الأرواح. ففي الأيام اكتشفوا الجثة الكاملة للقتيل الذي اتصلت روحه ببنات فوكس قبل ذلك. وقد تطورت وسائل الاتصال وكثر الكلام ـ كلام الأرواح مع هذا العالم، عن طريق أو بواسطة عدد من أصحاب القدرات الخفية على تلقي رسائل العالم الآخر.من الأحداث الهامة في تاريخ عالم الروح أن إحدى بنات فوكس قد أفلحت في أن تجعل صحفيا شهيرا يرى زوجته التي ماتت قبل ذلك. وأن يقرأ رسالة بخطها. وقد أكد الرجل أن هذه خطها تماما. فقد جلست إحدى بنات فوكس في بيت الصحفي و حولها عدد من المتفرجين. وهدأت الفتاة بعض الوقت ثم راحت في غيبوبة. وفي هذه الغيبوبة تغيرت معالم وجهها تماما وتغير صوتها. ثم أمسكت قلما وورقا وراحت تكتب ما تسمعه في أذنها هي. أما هذا الصوت الذي تسمعه هي وحدها فهو للزوجة التي ماتت. وأملت عليها رسالة. والرسالة موجهة إلى الزوج. وفيها تحدثه في موضوعات خاصة لا يعرفها أحد سواها هي وزوجها. أما الخط فيؤكد الصحفي الأمريكي أنه مطابق تماما لخط زوجة. في الجلسة رقم 43 في بيت الصحفي تجسدت أمام الجميع صورة واضحة للزوجة ويؤكد الزوج والحاضرون أنها كالزوجة تماما. وأعلنت الزوجة في هذه الجلسة أنها لن تظهر له بعد ذلك. وهذا ما حدث. هذه الجلسة لها أهمية خاصة عن المشتغلين بالدراسات الروحية. ففيما أمكن الاتصال بالعالم الآخر بطرق مختلفة ومتعددة. وأمكن أيضا أن يسمع الحاضرون جميعا عبر ابنة فوكس.هذه الأصوات القادمة من العالم الآخر. وكذلك أمكن أن يروا ما رأته هي. في حين أن المألوف هو أن ترى هي ما لا يرون، وتسمع هي مالا يستطيع أن يسمعه أحد. لكن إذا كان هناك جماعة من الناس يجلسون في مكان واحد، وكان بينهم واحد فقط من الذين عندهم هذه القدرة الخاصة، فإن وجوده يجعل من السهل على الآخرين أن يروا ويسمعوا. هذا ما حدث مع بنات فوكس. فوجود واحدة منهن في أي مكان يجعل الآخرين قادرين على الاستماع أو على الرؤية. ولا تحدث الطرقات على الباب أو على النافذة إلا في حضور هذه الفتاة. مثل هذه الفتيات يتمونها الوسيط أو الوسيطة. أي الشخص الذي عن طريق جسمه أو عقله يمكن أن تصلنا رسالة من العالم الآخر. فكما أن الماء يمشي في المواسير، فالكهرباء تمشي في الأسلاك، والأصوات والأضواء تنقل في الهواء، فكذلك أرواح العالم الآخر لا تتحرك أو لا تتكلم إلا عن طريق هذا النوع الخاص من البشر. تعرضت هذه الاهتمامات الجديدة إلى عدد كبير من النصابين والمحتالين. ولا تزال. ولكن اهتمام الناس بالعالم الآخر لم يتوقف. بل إن هذا الاهتمام يشغل الغرب والشرق. بل إن هناك تجارب عديدة في الدول الشيوعية الملحدة التي لا تؤمن لا بالله ولا بالقيامة ولا بالقرآن وزلا بالرسول، ولا بالحياة بعد الموت. أما مصدر هذا الاهتمام فهو راجع إلى الرغبة في فهم هذه الأشياء الغامضة التي تحدث لبعض الناس. لعل هذه المعرفة ما يؤدي إلى اكتشاف الجانب الغامض من الإنسان. كل هذا يدل على أن العقل ليس هو الحكم النهائي في كل شيء. فهناك أمور تقع كل يوم ولكن العقل لا يعرف كيف يفسرها. والعقل يستمد معلوماته من حواسنا، وحواسنا محدودة. ولذلك فالعقل نفسه محدود. أما هذه الحوادث الغريبة، فالعقل لا يدري كيف يفسرها وإن كان يحاول. وإذا لم يوفق في تفسيرها الآن، فليس معنى ذلك أنه سيتوقف عند هذا الحد. وإنما سوف يحاول ولسوف يهتدي فيما بعد بعشرات أو مئات السنين. هناك حوادث معروفة في تاريخ علم الروح من بينها ما حدث لرجل اسمه هوم. عاش في آخر القرن التاسع عشر. هذا الرجل قد ظهرت عليه هذه الصفات العجيبة. فهو إذا جلس في أي مكان سمع الناس طرقا على الباب أو على النافذة. ويحاول الناس أن يقفوا وراء النوافذ والأبواب ليتأكدوا بأنفسهم إن كان هناك أحد. ولكنهم لا يجدون إلا أنفسهم، ويستمر الطرق على الباب أو النافذة بعنف. قد طردته زوجته وابنه من البيت خوفا وفزعا. وكان هذا الشاب يعيش على موائد الكرام الذين يريدون أن يتسلوا بهذه الحوادث الغريبة. ولكن هذا الشاب هوم قد تطورت قدراته لدرجة أنه كان يطلب إلى الناس أن يجلسوا معا. ثم يطلب إليهم أن يفتحوا النافذة. وفجأة يجدونه يصعد في الهواء. ويدخل من النافذة برأسه ويكون أفقيا. ويخرج منها. ثم يعود إليهم مرة أخرى. فإذا أفاق كان في حالة نفسية وجسمية عنيفة. فهو يسيل عرقا وفي غاية الشحوب. لماذا وكيف حدث ذلك؟ إنه هو لا يعرف. وقد وصف حالته هذه بقوله: فجأة أحسست أن هواء يهب على وجهي. وأحسست أن الهواء يتسلل إلى داخلي ثم يملئ نفسي ويهزها بعنف. وإذا بي أسمع من يقول لي في داخلي: حانت ساعة العمل. الآن. استعد. ثم إنني لا أعرف بالضبط ماذا حدث. وأشعر بشيء من الخفة والارتياح. وكأنني كنت أحمل آلاف الأطنان وبسرعة سقطت عني كل هذه الأوزان الثقيلة، فإذا بي خفيف رشيق. كأنني لم أعد شيئا مطلقا. جاء في كتاب النور الخفي عن العيون. للشيخ عبد الرحمان عثمان نور من المنصورة. كنا في مدينة فارسكور وكان الطريق إليها صعبا. وركبت حماري وورائي ثلاثة آخرون قد ركبوا حميرهم. وكنا نتحدث عن الذي أصاب أحد أقاربنا فقد غرقت زوجته في النيل منذ شهر. وسقط ابنه في الساقية ومات. وبعدها بأيام داست جاموسته أحشاء طفله الصغير. وكان الحزن غالبا علينا. وإن كنا نؤمن بقضاء الله وقدره فإن هذا لا يمنع أن يحزن ويبكي على الذين فارقونا من الأحياء. ثم سادت لحظة صمت. وفجأة لاحظت أن واحدا من الذين معنا كان يجلس فوق الحمار بشبرين. ثم نظرنا إليه. فوجدناه يعلو ويعلو. ولما حاولنا أن نشده لم نستطع وبعد لحظات عاد الرجل إلى مكانه على ظهر الحمار. يقول الشيخ عبد الرحمان نور من علماء الدين: وحمدت الله سبحانه وتعالى أنني لست الوحيد الذي يستطيع ذلك. فقد دخاني الغرور وظننت أن الله قد أعطاني ما لم يعطه لأحد من الناس. فكثيرا ما وجدت نفسي فوق السرير بعشرة أشبار ولا أعرف لماذا. وكنت أخاف أن يعرف الناس ذلك. ولما وجدت صاحبنا جالسا عاليا عن الحمار. تركت نفسي فارتفعت إلى مستواه. ولم نستطع أن نتكلم. ولما رآنا بقية الناس هربوا وتركوا حميرهم. ولا تمضي لحظات حتى نعود إلى مكاننا على ظهر الحمار. وقد أرهقنا التعب وأغرقنا العرق. ولا نعرف لذلك سببا. والله أعلم. من أشهر الحوادث في التاريخ أيضا ما جرى للملكة فيكتوريا. فقد كانت مثل ملكة هولندا الحالية وهتلر، تؤمن بالأرواح والاتصال بها. وقد توفي الأمير ألبرت زوج الملكة. وفوجئت الملكة في يوم من الأيام بأن إحدى الصحف قد نشرت هذا الخبر. أحد الوسطاء قد تلقى رسالة من العالم الآخر. الرسالة من المرحوم الأمير ألبرت. إنه يريد الاتصال بالملكة وأن يبلغها شيئا خاصا. فرحت الملكة فيكتوريا بهذا النبأ وأرسلت اثنين من رجالها لحضور جلسة استدعاء روح الأمير. وكتب الوسيط الرسالة. وفوجئت الملكة بأن خط الوسيط يشبه خط الأمير إلى حد كبير. ثم إن توقيع الأمير لا يعرفه أحد سواها. وبعد ذلك طلبت الملكة من هذا الوسيط أن ينتقل إلى الإقامة في داخل القصر. وكان هذا الوسيط ينقل إليها يوميا رسائل من زوجها المحبوب كل يوم. ولكن روح الأمير طلبت إلى الملكة إنه يفضل رجلا آخر. هذا الرجل هو خادم في أحد قصورها. ولكن هذا الخادم كان شرسا وكان وقحا في معاملته للملكة. بدأت الشائعات تملأ بقية قصور الملوك والأمراء والنبلاء. إن الملكة على علاقة بأحط الناس في قصرها. وأنها لا تختار الخدم. ولا تحب إلا الجلوس إليهم والإنفراد بهم في ساعة متأخرة من الليل. لم يعرف الناس ولا المؤرخون حقيقة هذه العلاقة، إلا بعد أن كشفت الأسرة المالكة البريطانية أسرار وخفايا الملكة فيكتوريا بعد ذلك بمائة عام. في أمريكا صدر كتاب بعنوان تحرير العبيد كيف ومن الذي أعطاه للرئيس لنكولن سنة 1861 من تأليف الكولونيل كيس. يروي المؤلف أنه كان في مجلس النواب عندما تقدمت سيدة إلى الرئيس لنكولن تقول له: أرجو الاتصال بي في أقرب وقت. يقول المؤلف: وسألت عن هذه السيدة. وعرفت مكانها. وذهبت وهناك فوجئت بالرئيس لنكولن. ولم يكد يدخل حتى جاءت فتاة مغمضة العينين واتجهت إلى لنكولن. وألقت محاضرة طويلة عن أن الله خلق الناس متساوين وأنه لا سلام، ما لم تكن هناك حرية إلا إذا تساوى الناس جميعا. وقالت له: إن هناك مجلسا روحيا يحكم هذا العالم. وأن هذا المجلس قرر اختيارك في منصبك هذا لتكون جمهوريات كثيرة في العالم. ولتكون حرية بين الناس. يقول: وفوجئنا بأن هذه الفتاة قد أفاقت. ولما عرفت أن الواقف أمامها هو الرئيس لنكولن، أصيبت بحالة من الفزع. من المؤكد أن الشيخ عبد الرحمان نور لم يقرأ هذا الكتاب ولم يسمع عنه. ولذلك فالحادثة التي يرويها في بيت أحد العمد في مدينة المنصورة تبعث على الدهشة والذهول. فهو يقول إن فتاة صغيرة دخلت بصينية القهوة. وفوجئ الحاضرون بأن الفناجين قد ارتفعت عن الصينية واتجهت نحو الضيوف. والعجيب أن أحدا لم يخف من الذي يراه، وكأنما كان يتوقع ذلك. والحقيقة أن الذهول قد منعهم حتى من التعبير عن الخوف. ثم إن الفتاة كانت مغمضة العينين واتجهت إلى أحد الأطباء الحاضرين وقالت له: فلانة علاجها كذا وفلانة علاجها كذا. وأنت قد اختارك الله لكي تنقذ فلانة التي تلد هذه اللحظة فاذهب إليها. ولما أفاقت الفتاة، ووجدت هذا العدد الكبير من الناس، خافت وراجت تبكي. ثم أصدر الرئيس لنكولن إعلانه الشهير بتحرير العبيد في 22 سبتمبر سنة 1862، وتم تحرير أربعة ملايين من العبيد. وأصبح هذا الإعلان نافذا من أول جانفي سنة 1863. قد تناول الكثير من المؤرخين هذا الإعلان الخطير. ولكن من المؤكد أنها قد أثرت في تاريخ شعب، أو تاريخ الشعوب، تماما كما أن اتصال الملكة فيكتوريا بروح زوجها، قد غير سلوكها والكثير من قراراتها الشخصية والرسمية. |
الخميس، 20 يناير 2011
من ذا الذي يدق ولا أحد يراه؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق