عميد المسرح العربي يوسف وهبي عنده قصص وحكايات لا يصدقها العقل. ولكنها صحيحة ومؤكدة. فقد رأى في بيته وهو شاب أن رجلا يجيء من الصعيد يمد يده في النافذة فيأتي بالأطعمة ساخنة. أو بالأطعمة التي يطلبها منه الناس فيقال له مثلا: هات لنا دجاجا مشويا وهات لنا عشاء كاملا من محل جروبي. لم يكن لهذا الرجل إلا شرط واحد، أن يدفع الحاضرون ثمن الطعام الذي يحضره. وكانوا يدفعون. وفي لحظة يمد يده خارج النافذة ويجيء الأكل ساخنا طازجا. ليس من الضروري أن يحدث ذلك في البيت وإنما أيضا في القطار. هذا الرجل الطيب اسمه الشيخ طنطاوي جوهري. فإذا جلس الناس معه في القطار قالوا: يا عم الشيخ نحن الآن بالقرب من أسيوط. والدنيا حر جدا. ونحن جائعون. نريد آيس كريم يا عم الشيخ. كان يقول لهم بصوت منخفض: الفلوس أولا. ويدفعون. ثم يفتح نافذة القطار وتعود يده وعليها صينية وفوقها الآيس كريم المطلوب. تسمع مثل هذه الحكايات والنوادر من يوسف وهبي. وتسمعها من توفيق الحكيم. ويقول توفيق الحكيم إن مثل هذه الحوادث الغريبة العجيبة هي التي جعلته يؤمن باللامعقول. أي بالشيء الذي لا يفهمه العقل ولكنه يحدث كثيرا أو بعبارة أخرى. ليس كل ما " لا " يعرفه العقل غير الصحيح، وإنما هو صحيح ولكن العقل " لا " يستطيع أن يفهمه. أو بعبارة أخرى. ليس كل ما تعجز يدي عن حمله غير موجود. وإنما هناك أوزان ثقيلة جدا لا تقوى على حملها إلا الطائرات. ولكن يدي لا تستطيع . أو بعبارة أخرى هناك موجات أصوات لا تستطيع أذني أن تلتقطها، مثل الموجات الإذاعية والتلفزيونية. ولكن هناك أجهزة قادرة على ذلك. فهل معنى ذلك أن كل ما تعجز عنه عيني و أذني ويدي، يعتبر غير موجود؟ إنه نفس المعنى و نفس القضية. في الريف عندنا حكايات كثيرة من هذا النوع. ففي مدينة فارسكور كان يعيش رجل اسمه عم عبد الله الزهيري. وكان يطلق على نفسه أسماء كثيرة. فتارة هو عم عبد الله ومرة عم عبد الدايم. ومرة شيخ حسين. وكان يظهر في المنصورة وفي فارسكور وفي دمنهور. وكان يعرف بأنه أناس كثيرون. وأنه شخصا لا يعرف بالضبط من هو الآن. عم عبد الله كان يجلس تحت شجرة وتجيء نساء القرية كلها. واحدة تتوحم أي تقول نفسي في مشمش. ولا يكون ذلك أوان المشمش. فيقول لها: حاضر. ويحضر المشمش. ويطلب إليها أن تمد يدها تحت جلبابها. فتجده. وتقول واحدة: أريد سكر نبات. يقول لها: حاضر. ويحضر لها سكر النبات. وتقول واحدة: أريد قطعة من الجبن الرومي. ويقول: حاضر. وتجد المرأة ما تريد. في إحدى المرات وقد روى هذه القصة د. عبد العزيز الشهاوي في كتابه " عجائب الروح " طلبت عروس إلى عم عبد الله هذا: يا عم عبد الله. لقد تزوجت منذ خمسين يوما. فيقول لها: أعرف. تقول له: ولكني لست من هذه البلاد. إنني من الإسكندرية. فيقول لها: أعرف. وتسكنين في بيت رقم كذا في شارع كذا. وزوجك اسمه كذا. وأنت تعتقدين أنه لا يحبك. وأنك وحدك التي تحبينه. فتقول له: تماما يا عم الشيخ. يقول لها: إنه يحبك. وأنت راحته في هذه الدنيا. وأنت السر الكبير في حياته. وإنه حريص عليك حرصه على نفسه وعلى أن تظل هذه العلاقة حتى الموت. فأنت لا تعرفين قدرك عنده. ولم يعرف أحد قدرك ومزاياك إلا هذا الرجل. صدقيه لكي تستريحي ويستريح هو أيضا. خذي هذه يا ابنتي. تمد العروس يدها لتجد ورقة مكتوبا عليها اسم صلاح. تقول له: من هذا يا عم عبد الله؟ فيقول لها: أنت حامل. فإذا جاءك ولد فاجعل اسمه " صلاح " قومي يا أم صلاح. عودي إلى بيتك والرجل الذي يحبك. قبل عم الشيخ عبد الله هذا بخمسين عاما وفي مدينة لندن جلس عدد من العلماء حول فتاة وسيطة لها شهرة في تاريخ الروحانيات اسمها أنيس نيكول. الغرفة مظلمة تماما. إلا من مصباح خافت. بعيد في أحد الأركان. والذين حولها عشرون. والفتاة هدأت ثم راحت تتنفس بصوت عال. وفجأة دخلت في حالة إغماء. وبدأ لونها يزداد شحوبا، والعرق ينزل قطرات كبيرة من جبينها. وفجأة وأمام الحاضرين جميعا سقطت من القف على المنضدة، كومة من جميع أنواه الزهور. ولم يكن ذلك أوانها. إنها كزهور الربيع. وكان الوقت شتاء باردا جليديا. امتدت الأيدي تتلمس الزهور. إنها طازجة، كأنها قطفت من أشجارها توا. وعليها قطرات الندى. ورائحتها قد ملأت الغرفة تماما. وفجأة مرة أخرى وجدوا في أركان الغرفة شجيرات بلوط ارتفعت حتى للسقف. وامتدت الأيدي الخائفة تتلمس أوراقها وأغصانها. إنها حية. ولم تكن أوراق هذه الأشجار في ذلك الوقت من السنة منتعشة هكذا. فجأة اختفت كل هذه الزهور. وكل هذه الأشجار. وصحت الوسيطة النائمة. أعيدت هذه الجلسة عشرين مرة. وفي كل مرة يرى الناس شيئا عجيبات من الزهور والطيور والأشجار والأطعمة. ولكن الجديد بعد ذلك أنهم عادوا بالزهور والطيور إلى بيوتهم وتناولوا الأطعمة الحقيقية الباردة والساخنة كما يريدون. فلم تكن هذه الوسيطة بعد ذلك تأتي بما تريد هي. وإنما بما يطلبه منها الحاضرون. تأكيدا لصحة ما تقوم به. وأنها لم تخدع أحدا. وإنما ما يجري أمامهم صحيح ملموس. في ذلك الوقت ظهر عالم إنجليزي كبير، وهو كبير وعظيم بكل مقاييس العظمة العلمية في العالم. إنه مع العالم الكبير جدا تشارلز داوروين قد اكتشف نظرية التطور أو البقاء للأصلح من الحيوانات. هذا الرجل هو د. الفرد رسل والاس. اهتم العالم الكبير والاس بهذه الظواهر الغريبة وهو في العشرين من عمره. فقد عاصر ظاهرة التنويم المغناطيسي. وانشغل بها. ولم يجد لها تفسيرا علميا. ثم سافر إلى المناطق الاستوائية. ورأى البدائي عن القبائل الاستوائية. ورأى كيف يستطيع ساحر القبيلة أن يصنع أشياء لا يعرف العقل كيف يفسرها حتى يصدقها. رأى ساحر القبيلة مثلا يمسك الأرنب وينفخ فيه فإذا هو أسود بعد أن كان أبيض. ثم ينفخ فيه مرة أخرى فإذا هو يرتد إلى لونه الأصلي. وساحر القبيلة واقف عريان أمام الجميع. فليس في الإمكان أن يخفي شيئا في ملابسه. ثم وجد ساحر القبيلة وقد جاءته امرأة مشلولة لا تقوى على الحركة. وإذا هو يمر بيديه على جسمها. ويصب عليها بعض قطرات الماء. ولا تمضي لحظات حتى تنهض السيدة تمشي على رجليها. والطبول تدق فرحة لهذا الحادث العجيب. تقدم والاس لأحد السحرة بعصا وطلب إليه أن يغير لونها. وكان ذلك مستحيلا لأن العصا من المعدن. وأمسكها ساحر القبيلة فجعلها في لون الفضة ثم في لون الذهب. ثم جعلها من الزجاج. كل ذلك في لحظات. وطلب إليه والاس أن العصا وأن يترك له هذه العصا ويتركها له حتى يوم التالي. وفعل الساحر ذلك. وفي كل يوم يذهب والاس إلى الساحر القبيلة ليعطي للعصا لونا آخر. وفي آخر يوم طلب إلى والاس أن يعطيه قطعة من القماش وقدمها له. وتحولت العصا إلى مسحوق ناعم. حار والاس في ذلك. ولم يهتدي إلى شيء. وكل الذي خطر له هو أن هناك قوة غير مفهومة عند بعض الناس. ولكن كيف توجد فيهم؟ كيف يكتشفونها في أنفسهم؟ كيف يستخدمونها؟ كيف نشرحها للناس. كيف نجد الدليل العقلي العلمي على ذلك؟ لم يهتدي إلى شيء. ولكنه كان يتلقى خطابات من أصدقائه في لندن يؤكدون له أن ظاهرة الروحانيات قد انتشرت بين الناس. وأنها لم ترح الناس، وإنما ضاعفت قلقهم وفزعهم، وفي نفس الوقت يتطلع الناس إلى رجل في مثل علمه وعقله أن يشرح لهم ذلك؟ أرسل د. والاس خطابا إلى خطيبته يقول لها: " حبيبتي. اعذريني فأنا مشغول عنك. ولكني سوف أعود إليك أقوى وأقرب. وسوف نرتبط أعمق ". ظهر عالم كبير اسمه كروكس. وهو أيضا من العلماء العظام. وكلمته لها وزن. واجتهاداته تلقى الاحترام. فقد كان واحدا من الذين شاهدون جلسات تحضير الأرواح. ورأى شيئا جديدا. رأى الوسيطة قادرة على أن تستدعي إحدى الأرواح فتتجسم أمام الجميع. تبدو كالسحابة البيضاء. وبعد ذلك تتضح معالمهما تماما. حتى تصبح جسما ملموسا له ملامح واضحة. وتتحرك أمامه وأمام كل الحاضرين. الأستاذ كروكس أيضا قد احتاط لأية خدعة. فكان يدخل الوسيطة هذه في غرفة من الزجاج المحكم تماما. ولكن يفاجأ بأن روحا قد ظهرت تتحرك في مكان بعيد عن الوسيطة التي سقطت على الأرض على وجهها. ويجد أن هذه الروح قد اقتربت منه ووضعت ذراعها حوله. ويلمسها فيجدها لحما بشريا. ويقيس نبضها فيجده 75 ويقيس نبض الوسيطة فيجده 90. ثم يلتفت إلى الروح التي تجسدت فيجدها قد ارتدت ملابس بيضاء. وأطول من الوسيطة، أكثر شبابا وأكثر هدوءا. في إحدى المرات سأل الوسيطة إن كان في استطاعته أن يلتقط صورا لهذه الروح فوافقت، فأعد خمس كاميرات في هذه الغرفة والتقط 44 صورة تعتبر من أعجب الإنجازات في تاريخ البحث العلمي الحديث. لم تكن هذه الوسيطة التي استعان بها د. كروكس سوى فتاة صغيرة في الخامسة عشرة من عمرها. لا تعرف سوى اللغة الإنجليزية. ولكنها عندما تصاب بحالة الإغماء فإنها تتكلم اللاتينية واليونانية وبقية اللغات الأوروبية الحية. أعجب من ذلك أنها تترجم إلى الإنجليزية قصائد للشعراء اللاتين وملحمة هرميروس. ويستحيل أن تكون في ذلك أية خدعة من أي نوع. هكذا يقول د. كروكس. أما هذا العالم العظيم سير أوليفر لودج فله قصة من أعجب قصص التاريخ. إنه عالم كبير. لا خلاف على عظمته. ولكن هذا الرجل له حب كبير. فقد قتل ابنه في الحرب العالمية الأولى. وكان موته مفاجأة له. فقد مات بسرعة وفي موقع بعيد عن ميدان القتال. ولكنه قضاء الله. وكما كان ابنه حبه الكبير، فقد كان موته حزنه الأكبر. يقول العالم لودج: " كأن ذراعي قطعت وتدلت من كتفي. كأن عيني فقئت وتدلت على وجهي. كأن قلبي انخلع وألقي تحت قدمي. لقد مات ولدي. ولا أعرف لماذا بهذه السرعة ". لكن قبل أن يتلقى نبأ مصرع ابنه أرسلت له إحدى الوسيطات رسالة من العالم الآخر تقول فيها: أنت رجل حكيم وليس عليك إلا أن تصبر أمام قضاء الله. وبعد ستة أيام تلقى نبأ مصرع ابنه. وعرف أنه في اللحظة التي تلقى فيها هذه الرسالة كان ابنه قد مات. دخل سير أوليفر لودج عالم الروح عن طريق الحب الشديد لابنه. فقرر أن يكون على صلة دائمة به. وحضر جلسات الأرواح ونقل إليه الوسطاء رسائل كثيرة بينه وبين ابنه. وعرف كيف مات وكيف هو الآن. وأصبح لودج هذا حجة في الروحانيات. وحاول أن يفهم وأن يشرح بالضبط ما هذا الذي يجري في هذه الجلسات. كان الوسطاء عندما يستحضرون روح ابنه، يكون خط الوسيط مطابقا تماما لخط ابنه. ثم أن الوسيط ينقل للأب الحزين أدق الأسرار التي كانت لبينه وبين ابنه. وفي إحدى المرات لم يكن الابن قد صارح أباه بأنه يحب جارته. وطلبت الروح في إحدى الجلسات أن يذهب إلى مكان وسط المدينة، وأن يتجه يسارا فيجد بيتا عند نهاية الشارع، وأن يصعد الدرج إلى الدور الثالث. وهناك يجد رسالة ملفوفة في ورق تحت مخدة سرير صغير تقول: لقد اتفقنا على كل شيء. أنا فقط الذي أستطيع أن أهبك السعادة، وأنت أيضا. سوف أحبك حتى الموت. ذهب الأب في نفس اللحظة التي تلقى فيها هذه الرسالة إلى نفس المكان ويجد رسالة بخط ابنه إلى فتاة أحبها. وأصبح من المستحيل عليهما أن يتزوجا بعد ذلك. فكلاهما متزوج. السير أوليفر لودج كأي عالم مخلص قرر أن يخدم العلم الجديد ـ الروحانيات ـ حيا وميتا. فلذلك ترك رسالة وأوصى بأن تفتح بعد وفاته. وفي هذه الرسالة يطلب من كل الوسطاء أن يستحضروه ليخبرهم ما الذي شاهده بعد الموت، وكيف يمكن الاتصال بعالم الروح. اتصل الكثيرون بروح أوليفر لودج بعد وفاته سنة 1940. وامتلأت كتب الروحانيين بأحاديثه وحكاياته وتفسيراته العلمية ووصفه للعالم الآخر والحياة بعد الموت. قبل ذلك في نهاية القرن التاسع عشر وجدنا عالما إيطاليا شهيرا اسمه لمبروزو. هذا الرجل قد تخصص في دراسة الجريمة وملامح المجرمين. ولكنه كان يتشكك في الروحانيات. وكتب مقالات كثيرة يسخر من سخافة الإيمان بمثل هذه الخرافات. وطلب أن يحضر جلسة من هذه الجلسات. دعوه إلى جلسة. وكانت الوسيطة إيطالية. وهي سيدة ساذجة. واستطاعت هذه الوسيطة أن تأتي له بالفواكه من غير موسمها. وأن تأتي له بالأطعمة وأن تأتي له بأشياء من مكتبه. وكانت المسافة بين المكتب والبيت بعيدة. ولكن الرجل لم يصدق. أخيرا سقطت من سقف الغرفة ورقة. وهذه الورقة وقعت على رأسه. ومد يده ليجدها آخر صفحة من كتاب ألفه عن الجريمة. ولم يكن أحد يعرف موضع هذا الكتاب ولا مكانه. ألف لمبروزو كتابا بعنوان بعد الموت ـ ماذا؟ وفي هذا الكتاب يؤكد اقتناعه بأنه يمكن الاتصال بعالم آخر، لا يعرف بالضبط ما هو ولا أين هو. ولكنه مختلف تماما عنا. وأن وسيلة الاتصال به تتم عن طريق شيء ما موجود عند الموتى وموجود عند بعض الأحياء. أما هذا الشيء ما الذي لمسه لمبروزو ولم يعرف ما هو، فقد اهتدى أحد العلماء الألمان إلى اسمه، واختار له اسم " اكتوبلازم ". أو البلازم الخفي أو السري أو السحري. معنى ذلك أنه توجد في الإنسان الحي مادة ـ بعض الناس فقط ـ وعن طريق هذه المادة الموجودة عند بعض الناس وعند كل الموتى، يمكن الاتصال والاستحضار والاستدعاء. هذا العالم الألماني اسمه سترفك نوتسنج. وهذا العالم الألماني لم يضف شيئا جديدا. وإنما وضع أصبعه على تفسير مؤقت. ولكن العلم الحديث يريد أن يعرف كيف يمكن الاستفادة من هذه المادة/ إن وجدت، وكيف يمكن تنميتها بعد ذلك. في أوت سنة 1975 في مدينة روما جلس عدد من علماء الفيزياء الحديثة حول طفل في الحادية عشر من عمره. والمناسبة هي أن هذا الطفل ظهرت عليه قدرات غير مفهومة. فهم يأتون إليه بصور الموتى الذين لم يعرفهم. من المؤكد أنه لا يعرفهم، فبعضهم مات من مئات وألوف السنين. وقد وضع هؤلاء العلماء كاميرات في كل مكان وأسلاكا كهربية وعدادات ذرية لتسجيل كل ما يمكن أن يحدث لهذا الطفل، أو في هذه الغرفة. أما الأضواء فكانت حمراء خافتة. وأما الطفل فقد جلس على مقعد خشبي، ومن الضروري أن يكون المقعد من الخشب. ثم قدموا له الصور واحدة واحدة. وتحتها أسماء خاطئة. وبعد لحظات وبعد أن يصاب الطفل بحالة من الإغماء الشديد، يتكلم وهو يقول: هذا هو الفيلسوف سقراط. عاش في أثينا. وزوجته اسمها كذا. وأولاده وتلامذته، وهو يشرح لهم الآن نظرية كذا. هذا هو الإسكندر الأكبر. هذا هو فريدريش الأكبر. هذا هو نابليون. ثم يعرضون عليه صورا لأناس عاديين من بلاد مختلفة. وبعد أن يروي قصة حياة كل منهم يفاجأ الحاضرون بأن الشخص الميت قد تمثل أمامهم إنسانا بلحمه وملابسه، ولكنه يكون عادة أطول أو أنحف وأهدأ من شخصيته المعروفة. ويلتقطون له عشرات الصور التي تؤكد أنه هو. قد كتب العالم الفيزيائي الفرنسي الكبير الأمير لوي دبروي في مذكراته يقول: " كانت الجلسة العاشرة. وقد احتطنا لكل شيء، وأرى أنه لا توجد خدعة. وإنما نحن في كل مرة أمام لغز. كيف استطاع الطفل ذلك؟ وما هي قدراته؟ وما حدودها؟ وكيف يتحقق ذلك في كل مرة؟ لابد أن أجيالا من بعدنا سوف تجد تفسيرا ينهي دهشتنا العاجزة ". إذا فاتحه الناس بالكلام تكلم. وإذا لم يفعل أحد من الناس، فإن الرجل يظل جالسا في مكانه يتلفت حوله. وأحيانا يضحك. وأحيانا يبدو عليه الاهتمام الشديد كأنه يسمع إلى أحدج لا يراه الناس. وإذا نظرت إلى وجهه فإن الوجه أبيض والبشرة لينة ناعمة. والعينين صافيتان. كل شيء يدل علة أن الرجل في منتهى الهدوء وفي غاية الراحة. من أين يستمد هذه السعادة؟ لا أحد يعرف. وإذا نظرت إلى ملابسه. إنها ليست جديدة ولكنها نظيفة. إن ملابسه أقرب إلى الخرق القديمة. ولكنها متماسكة. إن ملابسه تشبه الإنسان الفقير النظيف في نفس الوقت أما حذاؤه فجديد دائما. بل إن الذي ينظر إليه بوضوح يخيل إليه أنه خرج من العلبة الآن. وأن الرجل لم يمش به على الأرض. ويقول الناس: إنه يطير ولا يمشي على الأرض. ويدللون على ذلك بنظافة حذائه. لابد أن يسأله الناس: كيف حالك يا عم الشيخ؟ حالي عال. كيف حالكم أنتم؟ يضحك ويضحك على حال الناس. يسألونه: إلى من تتكلم يا عم الشيخ؟ إلى أسيادي وأسيادكم يا بهائم يا حمير يا كلاب يا أولاد الكلاب. ويضحك أنه قال نكتة. كثيرا ما مضى الشيخ أو رواش يشتم الناس إلى غير نهاية. ولكن إذا شكا أحد من الناس من ألم أو جع، تغيرت معالم الشيخ أبو رواش. وأحس أن ساعة العمل قد أزفت. وأن هذا واجبه. هنا تتغير معالم الرجل. وتصبح حالته عصبية. ويظهر الشحوب على وجهه ويمد ذراعه إلى مكان الألم. فيختفي الألم بإذن الله. كم أم جاءته قبل الولادة؟ كم طفل اختفت أوجاع عينيه وأسنانه وأمعائه بمجرد أن لسمها الشيخ أبو رواش. كم مرة مد الشيخ أبو رواش يده إلى تراب الأرض واعتصره ثم تركه ينزل سكرا أبيض. أو دقيقا ناعما. أو سمنا أو عسلا. أو دواء. كيف فعل ذلك لا أحد يعرف. يقول إنه عندما يتكاثر عليه الناس ويرهقونه بطلباتهم، يظهر شيخ آخر يمسك عصا وينهال بها ضربا على الناس، لعلهم يبتعدون عن الشيخ أبو رواش. ولا أحد يعرف اسم صاحب العصا هذا. ولكنه فقط يظهر عندما يشتد الزحام حول الرجل الطيب. نعود إلى كتاب أسرار الشيخ طنطاوي جوهري من تأليف السيد عبد اللطيف الحسيني يقول المؤلف: في إحدى الليالي وكنا في لأسيوط. جاء رجل يحملونه على ظهورهم. الرجل مشلول تماما. وكان عدد الحاضرين عشرين. يتوسطهم الشيخ طنطاوي. وبدلا من أن يضعوا الرجل المشلول على الأرض برفق، فإنهم ألقوه على الشيخ طنطاوي. وتفادى الرجل المشلول أن يقع فوق الشيخ طنطاوي وإنما تساند عليه ثم نهض الرجل المشلول واقفا. ونهض الشيخ طنطاوي يمر بيديه على كل جسم الرجل. ولم يصدق الرجل المشلول أنه قد شفي تماما، بمجرد أن لمسه الشيخ طنطاوي. كان الشيخ طنطاوي يتكلم إلى الناس في موضوعات مختلفة، واستأنف الحديث، كأنه لم يحقق معجزة طبية. واقترب أولاد الرجل المشلول يسألون الشيخ طنطاوي: لقد شفيت الرجل فكم ندفع لك؟ كان رد الشيخ طنطاوي: أدفعها للفقراء. إن الله سبحانه وتعالى هو الذي شفاه عقابا لكم. فأنتم تتعجلون موت والدكم يا كلاب. يا أولاد الحرام. نهض الشيخ طنطاوي غاضبا ومد يده إلى جيب واحد من أبناء الرجل المشلول وأخرج ورقة كتبوا عليها تنازلا من أبيهم عن كل ما يملك لهم، حتى يحرموا إخوتهم الآخرين من أم أخرى. ثم قرأ الورقة على الناس ومزقها. يقول الذين رأوا ذلك اليوم: إن هذه الأوراق تحولت إلى غرباء سود. تضرب رؤوسهم. وأصيب جميعا بالفزع. واختفى الشيخ طنطاوي. كتب الروحانيات بها عشرات الألوف من القصص والنوادر لأناس كهؤلاء والمؤلفون يسجلون هذه الأحداث، ويسجلون معها أسماء الذين شاهدوها كدليل على صحتها. على الرغم من هذه الحوادث فإن الروحانيات أو التجارب الروحية ما تزال بين الشك واليقين. وما تزال الذين يصدقونها أقل بكثير من الذين يشككون فيها. ولكن في أعقاب الحروب في العالم يزداد فزع الناس وخوفهم. ويزداد خوفهم على الذين فارقهم من الأبناء والآباء. ويتمنى كل إنسان لو استطاع أن يكون على صلة ما، بالعزيز الذي ذهب ولن يعود. أكثر الذين لديهم هذا الاستعداد الروحي، هم أكثر الناس حزنا. أي أكثرهم شفافية. إنهم أصحاب الآلام الكبرى، والفجائع العظمى. كم من أم نهضت في الليل مفزوعة تقول: يا ولدي. يكون ولدها قد مات. وتقول إنها رأته. إنها سمعته. إنها لمسته. ولا يكون شيء من ذلك. وتكون الأم المفجوعة صادقة فيما تقول: ولكن الناس يقولون: مسكينة. سوف تفقد عقلها. إن ألوف الأمهات قد أحسن بذلك، ولكن أحدا لم يقرأ هذه القصص لأن الأمهات لم يؤلفن كتبا. لا توجد أم لم تشعر بابنها البعيد عنها وتقول: إنه مريض. لقد رأيته الآن في عيادة طبيب. ثم تبكي الأم بكاء موجعا. وتمضي أيام وتتلقى الأم خطابا من ابنها البعيد أنه كان مريضا، وأنه ذهب للطبيب. في نفس اللحظة التي أحست به الأم. كثيرا ما أحست الأمهات والآباء بعد فقد إنسان عزيز أنهم مربوطون به. إنهم يريدون أن يعرفوا كيف حاله الآن. أن يسمعوا عنه شيئا. ولذلك يذهب الناس إلى المنشغلين بالأرواح، وهم في حالة من الشك. ولكن عندما تنعقد جلسة استحضار الأرواح يتلقى الوسيط رسالة من هذا الابن الذي توفي يقول فيها لأمه: إنه بخير. وأن عليها أن تهتم بصحتها وأن تذهب إلى الدكتور فلان فهو الوحيد القادر على علاجها. وأنها إذا لم تذهب، فعلاجها كذا وكذا. وأن الشيء الذي ضاع منها وتبحث عنه موجود في الدولاب أو قد سرقته الخادمة. يكون كل ذلك صحيحا. ويصبح الاتصال الروحي عادة. ثم عقيدة عند بعض الناس. وعلى الرغم من أن الاتصال بالعالم الآخر قد تغيرت أسالبيه، فإنه لم يتقدم كثيرا. نحن في الشرق لم نساهم كثيرا في تطوير الاتصالات الروحية، لا بالدراسة ولا بالحصول على معلومات مفيدة. ولكنهم في أوروبا وأمريكا قد تجاوزا الحدود وذهبوا إلى أبعد مما ذهبتا إليه. فبدلا من استخدام السلة التي يضعون في مقدمتها قلما، ثم يمسكها اثنان ويتركانها تتحرك من تلقاء نفسها، وبدلا من الجلوس حول مائدة مكتوب عليها الحروف الهجائية ويضعون أصابعهم على كوب متحركة أمام هذه الحروف وتسجل الكلمات المطلوبة، فإنهم يستخدمون أجهزة التسجيل الالكترونية، والكاميرات الشديدة الحساسية. لم يعد أحد في أمريكا وأوروبا يخاف من ممارسة الوساطة الروحية. ففي أمريكا حوالي 2500 جمعية مسجلة قانونا. وهناك 480 كنيسة تمارس النشاط الروحي. وفي بريطانيا 350 صحيفة مسجلة و 250 كنيسة. في بريطانيا كان القانون حتى سنة 1734 يمنع الوساطات الروحية، لأنه كان يضعها تحت مادة الاشتعال بالسحر الأسود. وهذا السحر فيه نصب واحتيال وابتزاز لأموال الناس. ولكن المشتغلين باستحضار الأرواح، لا ينطبق عليهم هذا القانون لأنهم أناس يحاولون أن يعرفوا ماذا يجري هناك ويحاولون أن يفيدوا بعض المرضى، إن استطاعوا. قال لي ضابط مصري كبير جدا: كنا في سيناء. الدنيا ليل. والصمت رهيب وكنت قد نمت طول النهار. وأشعر بنوع من الراحة والصفاء. ولكن الظلام ونجوم السماء والصمت والرمال شيء رهيب. وكانت السماء قريبة جدا تمثل للإنسان أنه يستطيع أن يمد يده فيلتقط نجومها اللامعة. وفجأة مددت رجلي وذراعي واسترخيت. وشعرت بالسعادة فقد كانت الموسيقى تجيء من بعيد صافية. وكانت إحدى أغنيات أم كلثوم التي أحبها. ومن بعيد رأيت أناسا يركبون الجمال. والخيول. فأدركت أن هذا فرح بدوي. وأن هذه الموسيقى تجيء من هذه الزفة. وأسعدني أن تذهب هذه الوحشة الرهيبة، وأن يتبدل كل شيء إلى زفاف هادئ وجميل. في اليوم التالي تكرر نفس الشيء، عندما رويت لزملائي ما حدث في الأيام السابقة قفزت نظراتهم كأنني رجل مجنون. فقد كان من المستحيل أن تجيء الموسيقى من أية ناحية. فلا توجد قرى إلا على مسافة عشرين أو ثلاثين ميلا من أي اتجاه. وإذا كانت موسيقى من أي نوع فمن المستحيل أن تصل إلى أذن أحد. وإذا كان فرح وزفاف، فلا يمكن أن يمر بهذه المنطقة الجرداء التي ليست بها طرق. إذن هذا الذي رآه الضابط الكبير جدا وهو مفتوح العينين، يستحيل أن يكون له وجود حقيقي. ثم إنه لم يكن نائما وإنما في حالة من الشفافية أو التي يسميها الروحانيون حالة جلاء بصري. أي قدرة الإنسان على أن يرى ما لا يستطيع أحد أن يراه. معنى ذلك أنه رأى مالا عين رأت، ولا أذن سمعت. ولم يعد هذا الضابط الكبير يروى شيئا مما يراه لأحد، حتى لا يتهمه الناس بالجنون. في إحدى الليالي قال: إن المشهد تغير قليلا. لقد فوجئ بأناس يجرون بسرعة. ولمح بينهم واحدا من إخوته. وكان هذا الأخ مريضا. ثم نقلوه واختفى المريض بين الناس. وأصيب الضابط بفزع شديد لهذه الصورة غير الواضحة التي رآها. وقرر أن يسافر إلى العريش. ومكن العريش اتصل بأهله ليعرف أن أخاه هذا قد مات في نفس اللحظة التي رأى أشباحا تحمله وتخفيه بينهم. لم تتغير جلسات تحضير الأرواح من ناحية الشكل، وإن كانت نظرة الناس إلى هذه الجلسات قد تغيرت. فالناس ينظرون إلى المشتغلين بالأرواح، على أنهم أناس يبحثون في ظروف صعبة. أو يبحثون عن شيء من الصعب الوصول إليه، ولكنهم لا يعرفون اليأس. ولذلك يجب أن نشجعهم على ذلك. فمن يدري ربما تقدمت العلوم الإنسانية خطوة أخرى من أجل الإنسانية. شكل جلسات الأرواح. أن يجلس أناس معا متقاربين. وأن يتوسطهم واحد وسيط وهو أكثرهم شفافية، واستعدادا لاستقبال القوى الخفية من العالم الآخر. وهذا الوسيط لديه قدرة خفية تجعله قادرا على أن يتصل به الآخرون من العالم الآخر. فعن طريق الوسيط يمكن الاتصال يمكن الاتصال بالآخرين. والوسيط هنا يشبه الترانسفورمر أي يشبه المحول الكهربائي. الذي يتلقى تيارا كهربيا قويا، فيحوله إلى تيار كهربي عادي جدا. فهو ساخن ملتهب من ناحية، وأقل سخونة من ناحية أخرى. ولذلك فالوسيط يعاني إرهاقا شديدا بسبب هذا الدور الذي يقوم به. في كل مرة تحل به روح، فإنها ترهقه، لأن هذه الروح تحتاج إلى مادة ما في جسم الوسيط لكي تكون قادرة على الكلام أو الكتابة عن طريقه. هذه الروح تستهلك طاقة الوسيط. ويبدو أيضا أنها تستعين بهذه المادة ما الموجودة في أجسام الحاضرين أيضا ولذلك يشعرون بإرهاق شديد. يمكن أن يقال ذلك بعبارة أوضح وأسهل. لنفترض أن جماعة جلسوا بملابسهم كاملة في الهواء الطلق. وجاءهم واحد عريان، فأخذ من كل الحاضرين بعض ملابسهم لكي يبدو واحدا مثلهم. إن هذه الملابس التي أخذها من الآخرين قد جعلتهم يشعرون بالبرودة. إن هذا بالضبط ما يحدث في الجلسات الروحية. فالروح محتاجة إلى شيء ما تأخذه من الحاضرين. فإذا أخذته أرهقتهم تماما. لكن بسرعة يجدد الجسم الإنساني إفراز هذه المادة الخفية. ويصبح الوسيط مرة أخرى قادرا على استقبال القوى الخفية من العالم الآخر. فيشفون من أوجاعهم. حدث ذلك ملايين المرات. وأمام كل الناس. كيف يحدث ذلك؟ لا أحد يعرف. إن عددا من المعالجين الروحيين من الفلبين، قد أذهلوا العالم كله. ففي بلاد الفلبين تتوقف الطائرات الذاهبة إلى أمريكا والعائدة منها لترى رجلا أسمر نحيفا قد عصب عينيه. والناس يمرون أمامه. فيضع يده على المعدة أو على القلب أو على الظهر أو على المفاصل بسرعة غريبة. وبعد لحظات يشفى كل إنسان من مرضه. إنه لا يعرف أمراض أحد. إن يده تمتد إلى مكان الداء. ويمر الناس أمامه يوميا بالمئات. إن هذا الرجل أيضا يجري عمليات جراحية بأصابعه. يفتح البطن. وينزل منه الدم. ثم يحرك أصابعه في داخل البطن ثم يمر بأصابعه على البطن المفتوح ويعيده على ما كان عليه. يحدث هذا الآن في اندونيسيا. والمجلات الطبية الأمريكية تصف ذلك بالتفصيل والأطباء والعلماء أكثر دهشة من المرضى. وقد صوروا الرجل وأصابعه. لا شيء غير عادي. أصابعه عادية. ولكن الشيء غير العادي. كيف يفتح البطن بأصابعه، ثم كيف يعيده كما كان. وكيف يمشي الناس على أرجلهم بعد ذلك دون أن يصاب أحد بتلوث أو تسمم أو دون أن يموت الناس. إن هذا المعالج الروحي الفلبيني لا يستخدم الأدوات المعقمة ولا غرف الإنعاش. إن هذا يتم يوميا أمام الناس بعدساتهم وعيونهم المتشككة. كما أن الروح تحتاج إلى مادة خفية في جسم الإنسان، لكي تكون قادرة على الاتصال به. فإن هذه المادة الخفية هي التي تستخدمها الأرواح في علاج الإنسان وشفائه من أمراضه. ولذلك فهؤلاء الوسطاء يمرون بأصابعهم على المرضى وفي البرازيل معالج روحي شهير جدا اسمه خوسيه أريجو. لقد افتتح مستشفى ويعالج الناس مجانا. ويقول خوسيه إنه يستعين بأرواح أعظم الأطباء في العالم. إنهم يشخصون المرض ويوجهون يديه وأصابعه. ويكون الشفاء بعد ذلك بإذن الله. خوسيه يستخدم سكينا ولا يشترط أن تكون معقمة. بل إنه يطلب إلى الناس أن يأتوا بالسكين معهم. وبعض الناس يحرص على أن تكون السكين قذرة ولكن خوسيه قبل أن يجري عملياته. يمر بأصابعه على السكين فتتحول من أسود إلى أبيض. ومن نحاس أصفر إلى نحاس أبيض. ومن غليظة إلى حادة. كل ذلك في لحظات. ثم ترتعش السكين في يده. وتمشي في جسم الإنسان بسرعة خاطفة. ثم يمر ببطن السكين èعلى المكان الذي فتحه، فإذا هو ينسد ويعود إلى ما كان عليه. وهناك صور وأفلام لذلك. تؤكد أنه لا خدعة، ولا نصب ولا احتيال. في بريطانيا رجل اسمه هاري ادواردز، هو أشهر المعالجين الروحين في العالم كله. إنه رجل أشقر ضخم. يفق في حالة غيبوبة والناس يمرون أمامه. ويشعر الناس، لحظة واحدة، بما يشبه الصدمة الكهربية. بعدها يشفون تماما من أي وجع ومن أي مرض. إن هاري هذا يمد يده إلى بطن المريض وهو ويخرج منه كيسا ذهنيا. أو يخرج منه جلطة دموية. أو يخرج منه حصاة، كل ذلك في لحظات والناس يتفرجون. قد جاء في كتاب من تأليف الطبيب د. المر رودرج يقول: ذهبت إليه متنكرا واخترت مرضا يصعب تشخيصه أو علاجه بهذه السرعة. ولم يسألني عن مرضي. ولكني أنا الذي شخصت له مرضي وطلبت إليه أن يعالجني. فلم أكد أقترب منه حتى صفعني على قفاي. ووجدت نفسي ملقى على الأرض. فقد تضايق من أنني كذبت عليه. يقول الطبيب: ذهبت إليه بعد ذلك دون أن أشخص له مرضي، ووجدته قد وضع يده على عمودي الفقري يمر بها صعودا وهبوطا عدة مرات. وأحسست لعدها أنني أحسن حالا. فقد كنت أشكو من أعراض انزلاق غضروفي. ولا أجد أي سبب يدفعني إلى تكذيب هذا الرجل، صاحب القدرات الخارقة على العلاج والشفاء أيضا. كثيرا ما جلس الوسطاء يسجلون قصائد لشعراء ماتوا، هؤلاء الوسطاء لا يعرفون الشعر ولا يتذوقونه. أو أنهم وسطاء أميون ليس في قدراتهم أن ينظموا قصائد وينسبوها إلى الآخرين. إن وسطاء مصريين قد سجلوا مسرحيات لشوقي وقصائد لحافظ. بل إن بعضهم سجل قصائد لمجنون ليلى. صحيح أن هذه القصائد لا ترقى إلى مستوى قصائد هؤلاء الشعراء التي نشروها وهم أحياء. ولكن بعض هذه القصائد قريب جدا من روح الشاعر. وبعض النقاد يؤكدون أنها لا تختلف في شكلها ومعناها عن قصائد الشاعر الحقيقية. من أشهر الوسيطات في أوروبا سيدة كانت تستحضر أرواح كبار الموسيقيين. وهي لا تعرف الموسيقى. أي لا تعزف ولا تعرف كتابة النوتة الموسيقية. هذه السيدة كانت تستحضر روح بتهوفن. فإذا جاءت ذهبت إلى البيانو وراحت تدق بمنتهى العنف والسرعة المذهلة. وتؤدي مقطوعات معروفة. ومقطوعات جديدة أوحى بها بتهوفن نفسه. وقد نشرت هذه السيدة كتابا يضم مؤلفات جديدة لكبار الموسيقيين الذين ماتوا. وقد ظلت هذه الوثائق من عجائب الوساطات الروحية. فقد ضمت أعمالا موسيقية كاملة رائعة. هذه السيدة يعرفها المشتغلون بالموسيقى العالمية واسمها روز ماري براون. وأهم مؤلفات هذه السيدة موسيقيا كتاب اسمه سموفونيات ناقصة. وفي هذا الكتاب صفحات كاملة بخط الموسيقيين العظام، لأنها من وحيهم. أو من تأثير أرواحهم عليها. في الكتاب موناقشات بين بعض النقاد وبين أرواح بتهوفن وباخ وشوبان وليست وتشايكوفسكي ومانيتوف وغيرهم. والمناقشات حول موضوعات متخصصة جدا وشخصية جدا. وهذه السيدة مستحيل أن تعرف أي شيء. لأنها ليست متخصصة بل جاهلة تماما بعلوم الموسيقى والتأليف الموسيقي والغناء. إذا كان بعض الناس عندهم هذه الشفافية الروحية، أي القدرة على استقبال الأرواح أو الإحساس بها أو رؤيتها أو سماعها. فإن هناك أناسا عندهم القدرة على تجسيد الروح. فهذا الضابط المصري الكبير الذي تحدثت عنه أول هذا المقال عنده استعداد هائل لأن يكون وسيطا بل إن الذي رآه، إما أن يكون قد رآه فعلا، وذلك لأنه كان في حالة شفافية. وإما أن يكون في حالة غيبوبة، أي غياب عن الوعي وحلت به إحدى الأرواح فأصبح قادرا على الرؤية. ثم إنه رأى شيئا حدث لأخيه في مكان بعيد عنه. أي أنه استطاع أن يرى شيئا أمامه، وأن يرى شيئا بعيدا عنه. ولكن هناك من هم أقدر من ذلك باستخدامهم الأرواح، في التأليف الموسيقي والشعر، وفي العلاج. ولكن ما تزال هناك قدرات خفية أعظم عند بعض الناس. كما سوف نرى. |
الخميس، 20 يناير 2011
من السقف تسقط الفاكهة طازجة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق